دور المشورة في تنمية الإمكانات وتحسين الأداء
في أي منظمة عالية الأداء، يسعى القادة باستمرار لإيجاد سبل لتعظيم إمكانات فرقهم، لكنهم غالبًا ما يغفلون عن إحدى الطرق الفعالة، وهي المشورة. لعل كثيرًا من الأفراد والفرق يتساءلون: كيف تنمي الإمكانات وتحسن الأداء؟ والجواب هو أن المشورة توفر إطارًا للنمو الشخصي والتطوير وتحسين التعاون. تستكشف هذه المقالة كيف تعزّز المشورة القيادةَ وتحسّن التواصل وترتقي بالأداء العام، مما يعود بالنفع على كل من الأفراد والفرق.
تفعيل القدرات القيادية
لا تقتصر القيادة الفعالة على وضع الأهداف أو توجيه الفريق نحو نتيجة معينة، فالقيادة الرشيدة تنطوي على فهم الأفراد، أي التعرف على مواطن قوتهم ومواطن ضعفهم ودوافعهم، وهنا يبرز دور المشورة. أرى الاستشارات بمثابة مدرّب أو معلّم كفء. جميعنا مرّ علينا مدربون ومعلمون أكفاء، وهؤلاء القادة كانوا يقدمون ملاحظاتهم في الوقت المناسب، وكانت لهم قدرة على التأثير فيك بطريقة تدفعك إلى التأمل في النفس وتقودك إلى التحسين والتطوير.
من خلال الجلسات الاستشارية السديدة يكتسب القادة رؤى حول الأساليب القيادية لدى أقرانهم، ويستطيعون تحديد مواطن النمو الشخصي لديهم. فالديناميكية الفردية توجِد مساحة لإجراء محادثات صادقة وصريحة عن مواطن القوة والتحديات، مما يمكّن القادة من اكتشاف سبل لتعزيز معرفتهم وتحسين اتخاذ القرار والقدرة على المرونة. غالبًا ما يتميز القادة الذين يلتمسون المشورة بأنهم أكثر استعدادًا لمواجهة الإجهاد والتعامل مع النزاعات واتخاذ قرارات استراتيجية تؤثر على الأداء.
وعندما تتمحور المشورة حول تطوير القيادة فإنها تحقق تأثيرًا إيجابيًا مضاعفًا عبر المنظمة بأكملها، فكلما تحسّن القادة انعكس ذلك إيجابًا على فرقهم وأعمالهم. ترفع المشورة مستوى الوعي الذاتي، وهو ضروري لبناء الثقة والحفاظ على المصداقية وإلهام الآخرين.
تعزيز ديناميكيات الفريق
هل يمكن أن ترتقي المشورة بأداء الفريق؟ بلا ريب. فالفرق القوية تُبنى على علاقات العمل السليمة التي تقوم على الثقة والاحترام والاستماع والاهتمام والتأثير، وكلما أظهرت هذه العناصر للفريق وللآخرين زادت احتمالية بناء علاقة قوية.
من خلال اجتماعات نقاشات الفريق وجلسات الاستشارة الفردية يستطيع أعضاء الفريق معالجة نقاط الاحتكاك والقضايا المتعلقة بحل المشكلات وتطوير فهم أعمق لوجهات نظر بعضهم بعضًا. وعندما تترسخ هذه العناصر يصبح الفريق أكثر انسجامًا وتزداد إمكانية تعاون أعضائه بفعالية ودعم بعضهم بعضًا وتحمل المسؤولية المشتركة، وهذا بطبيعة الحال يرفع مستوى الأداء.
كما أن هذه الاجتماعات الحوارية تزود الفريق بالأدوات المُعينة على فهم أدواره بوضوح أكثر. فعندما يعلم كل عضو في الفريق مواطن قوته ومواطن ضعفه وكيف يخدم دوره الهدفَ الأكبر، حينها تزداد فعالية أدائه من أجل إضافة قيمة إلى المهمة العامة. وهذا لا يؤدي إلى تحسين التعاون فحسب، بل يهيّئ أيضًا بيئة عمل إيجابية وعالية الإنتاجية.
المشورة كمحسّن للأداء
للمشورة دور محوري في تحسين الأداء، فهي تساعد في تحديد العوائق التي قد تعرقل الأداء، سواء كانت مرتبطة بالإجهاد أو انخفاض الروح المعنوية أو الاحتراق الوظيفي، ومعالجتها مباشرة تمكّن الأفراد والفرق من التركيز على أهدافهم والحفاظ على الدافع.
كما تمثّل المشورة أداة وقائية في سياق إدارة الأداء، حيث تمنع تفاقم المشاعر السلبية بتوفير مساحة للموظفين للتعبير عن مخاوفهم أو إحباطاتهم قبل أن تضر بالأداء، بل تمكّنهم للتغلب على العقبات والتركيز على تحقيق التميز.
وأخيرًا تعزز المشورة ثقافة التحسين المستمر، وذلك بتشجيع الأفراد على العمل باستمرار على نموهم الشخصي والمهني. وهذا التوجه إلى السعي الدؤوب لتحسين الأداء لا يعود بالنفع على الفرد فحسب، بل يستفيد منه الفريق بأكمله، مما يدفع النمو المستدام والنجاح بوجه عام.
البحث
doSearch('q',e.target.value)" value="" type="search" placeholder="البحث..">التصنيفات
مقالات مشابهة
7 تحديات مهنية شائعة ودور المشورة المهنية في معالجتها
إنّ بدء المسيرة المهنية يشبه الانطلاق في رحلة مليئة بالتقلبات. يشعر كثير ممن يمر بالمشكلات ...